محطات غسيل أموال علاء وجمال مبارك وشلة الحرامية

كل ما يشغل بال المصريين حاليا هو البحث عن اجابات شافية لسؤال واحد :هل ستعود الاوال المنهوبة من قبل اسرة الرئيس المخلوع وفلول نظامه البائد الى الشعب مرة اخرى؟
فالجميع علي* مختلف اتجاهاتهم وأعمارهم من العامة أوالنخبة المهمومة بالشأن العام* يتابعون ما* يجري* من تحقيقات ويترقبون إطلالة المسئولين بالتصريحات التي* تخرج* يوميا لمعرفة المزيد عن حجم الثروات التي* ذهبت الي* جيوب أهل الحظوة،* ممن اختزلوا حجم الوطن بثرواته ومؤسساته في* شكل اقطاعية،* أو مجموعة من العزب الخاصة* يمرحون فيها كيفما شاءوا ومتي* أرادوا دون مراقبة وإن وجدت الرقابة فدون مساءلة*.
ومن بين الذين حولوا الوطن وثرواته الي* اقطاعية للمجاملات أسرة مبارك نجلاه جمال وعلاء وزوجته وأصهاره فأتاح لهم جميعا قربهم من دائرة صناعة القرار،* التأثير في* مجريات الأحداث السياسية،* وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والحصول علي* الثروات والأموال بطرق تظل تفاصيلها* غير معلومة لغياب الشفافية،* ويسر لهم ما* يملكونه من نفوذ إخراج هذه الثروات بطرق وأساليب تفوق قدرة منظمات* »المافيا*« للنجاة من رقابة السلطات المعنية بالمراقبة وتتبع مصادر الثروات*.
نفوذ الأسرة الحاكمة لم* يعد خافيا علي* أحد،* والسلطة التي* كانت لدي* جمال من الناحية السياسية بلغت الي* حد الأمر والنهي،* كما أن نفوذه وشقيقه علي* حد سواء في* أسواق المال وعالم الاقتصاد* يثير الريبة ويفتح الشهية للبحث في* خبايا وأسرار علاقاتهما المتشابكة في* مجال البيزنس داخليا وخارجيا،* خاصة جمال الذي* كان* يحدد ملامح الخريطة الاقتصادية،* من خلال نفوذه اللا محدود علي* مجريات صناعة القرار،* بتعيين الوزراء وتكليفهم بمهام وسياسات فتح مجملها الباب علي* مصراعيه للعمولات وانتشار الرشاوي* وتحقيق الثروات المبالغ* فيها*.. سلطات جمال أتاحت له معرفة الأسرار وتوقعات المكسب والخسارة في* الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات في* البورصة*.
هذه الاموال المنهوبة دفعت"الوفد"الى فتح الملف ، وقالت فى تقرير لها:
تحت أيدينا ملفات ضخمة عن استثمارات تتجاوز مئات المليارات من الدولارات فهذه الملفات تحتوي* علي* خريطة توزيعها علي* عدد من الدول وكيفية خروجها من مصر جهارا نهارا*.. وتكشف أيضا عن النوايا المبيتة سلفا لتحقيق الثروات التي* تفوق ميزانيات عدة دول من بينها مصر المنهوبة طبعا*.
أوراق تلك الملفات تتضمن استثمارات كل من علاء وجمال نجلي* الرئيس السابق وتفوح منها رائحة كريهة تشي* بأن تدمير الاقتصاد وتهريب الثروات حزمة متقنة لها أساليبها وخرائطها المثيرة للدهشة*. فلو لم* يكن هناك عزم وتدبير احترافي* لاستغلال النفوذ ما كان لنجلي* الرئيس ومعهما شخصيات بارزة ولامعة في* مجال البيزنس إخراج الثروات والأموال لاستثمارها في* الخارج وذلك في* الوقت الذي* تقدم فيه الدولة كافة التسهيلات لتشجيع الاستثمار الداخلي* وجذب الخارجي* وهو ما* يذهب بنا للإشارة بأن تلك الأموال التي* وردت في* صورة أسهم وشركات تبدو* غير معلومة المصدر،* دخلت جميعها كاستثمارات في* عدة دول* »اليونان ـ قبرص ـ بريطانيا ـ بنما ـ الولايات المتحدة الأمريكية*«.
أما الأسلوب الذي* جري* اتباعه في* تأسيس تلك الشركات* يفوق القدرة علي* الملاحقة،* فكل شركة تلد منها عدة شركات والشركات الأخري* تتداخل مع* غيرها بصورة معقدة تبدو عصية علي* الفهم لكن التقليب في* الأوراق* يكشف عن الأسلوب الذي* جري* اتباعه في* تأسيس هذه الشركات وطريقة خروج الأموال والثروات*.
التفاصيل المحيطة بالأوراق* غاية في* الإثارة فهي* تشير الي* أن الأموال كانت تخرج من مصر بعدة طرق جزء منها* يخرج كتحويلات من المصرف المتحد،* الي* سلطنة عمان والجزء الأكبر في* حقائب علي* الطائرات الخاصة،* واليخوت في* البحر الأحمر،* ومن* »عمان*« الي* اليونان وفي* اليونان* يتم تأسيس شركات قانونية معنية بأعمال الوكالة والمحاماة وكل محام في* اليونان حسب النظام فيها هو رجل أعمال داخل الشركة* يقوم بإجراءات أعمال البيزنس وعلي* أساس هذه الطريقة تشكلت دائرة شائكة ومعقدة من الشركات المتداخلة فيما بينها عن طريق شراء الأسهم*.
الشبكة الموجودة في* اليونان مكونة من مجموعات* »عرب ـ مصريين ـ أوروبيين*« وهي* عبارة عن عدد من الشركات القانونية التي* تقوم بشراء الأسهم والأوراق المالية والعقارات بالتداخل مع شركات أخري* في* قبرص*.
ولم* يكن اختيار قبرص عشوائيا فهي* لم توقع علي* أي* اتفاقيات لمنع* غسيل الأموال،* أو تسليم المحكوم عليهم،* أو رد الأموال*. وعلي* خلفية الإجراءات التي* سبقت تقوم الشركات الموجودة في* قبرص،* بتحويل الأموال الي* »بنما*« وتوجيه الأسهم الي* شركات أخري* تم تأسيسها في* »بنما*« ومنها الي* الولايات المتحدة الأمريكية ثم بريطانيا لشراء العقارات والمصانع وأسهم الشركات*.
المغزي* من هذه الإجراءات المعقدة ليس لها وصف سوي* احتراف السرقة وتهريب الأموال عبر شركات القانون التي* لا توجد عليها أي* علامات استفهام في* أوروبا وهي* تضم في* مساهماتها عدة بنوك للإمعان في* التضليل ويفوق نشاطها المتداخل أسلوب* »المافيا*«. نحن إذن أمام شبكة عنكبوتية حسب الملفات التي* بذلنا جهدا في* ترجمتها بدأت منذ أن كان جمال مبارك* يعمل في* بنك* »أوف أمريكا*« بلندن ومنحه هذا العمل خبرة واسعة في* كيفية استثمار الأموال،* وإبعادالشبهات عن أصحابها بإقامة سياج من السرية والتعتيم لكن هذا لم* يمنع من ظهور اسما علاء وجمال نجلي* الرئيس،* الي* جانب أسماء أخري* لامعة في* نشاط المال والأعمال مثل إبراهيم كامل ومحمد البردعي* ممثل بنك مصر*.
امتد نشاط البيزنس الواسع عن طريق تداخل الاستثمارات من عرب وأجانب في* تلك الشبكة فقد كشفت الأوراق عن شراكة مع رنا زين العابدين التي* تنتمي* الي* أسرة الرئيس التونسي* السابق،* وهذه السيدة لديها جنسية قبرصية*. وعلي* رأس هؤلاء الأردني* وليد كابا الذي* يحمل الجنسية البريطانية وهو اللغز المحير*.
البداية كانت تأسيس نواة الشبكة وهي* شركة* »بوليون*« للاستثمارات المالية وأدارها وليد كابا صديق جمال الذي* تعرف عليه في* لندن أثناء عمل الأخير في* بنك* »أوف أمريكا*« ثم تداخلت بوليون مع شركة أخري* خارج نطاق الرقابة* »أوف شور*« إحداها* يطلق عليها* »بان ورلد*« للاستثمارات وهكذا تتم عمليات التداخل والتشابك بغرض التضليل*.
إن تلال المعلومات والوثائق لم تتوقف عند كشف المزيد من الثروات المنهوبة التي* جري* استثمارها في* مجالات مختلفة في* أوروبا،* فقد دخلت مساهمات نجلي* الرئيس وإبراهيم كامل في* أنشطة فنية وموسيقية وأنشئت مجموعة من الشركات لهذا الغرض بتاريخ* 2005*/7*/5* مع مستثمرين من جنسيات مختلفة بولندية وأخري* برتغالية مثل* »أولڤيرا*« ويونانية مثل* »لوڤاج جورجيت*« وتتواصل التفاصيل الي* تأسيس شركة* »إيچيبت تراس*« وتعني* »مصر الثقة*« وهي* إحدي* شركات صناديق الاستثمار والمال ففي* أوراق إجراءات تأسيس الشركة لا* يوجد ما* يوحي* بأن جمال مبارك شريك أو* يملك أي* حصص فيها،* وهذه الشركة تأسست في* 2001*/10*/23* برقم* 67534*/526*/32* لوكسمبرج*. وأعضاء مجلس المديرين فيها إبراهيم كامل و»مايكل بيكيت*« ممثل نادي* لندن الدولي،* و»مايكل ثابت*« وحافظ الغندور،* ثم جمال مبارك،* الذي* ظهر اسمه لأول مرة*. ويضم مجلس الإدارة شاكر ألبرت خياط وأحمد منير البردعي* عن بنك مصر،* ومصر أمريكا الدولي*.
هذه الأسماء برمتها ظهرت علي* الأوراق في* 14* يناير* 2005* وهذه الشركة أنشئت في* جزر الكاريبي،* والأسهم المملوكة لها تخص شركة أخري* يملكها جمال مبارك اسمها* »حورس*« للاستثمارات في* الأوراق المالية،* ودخلت هذه الشركة في* مساهمات لدي* »هيرمس*« في* مصر*.
إذا كان هذا عن جمال مبارك،* فإن الأمر لا* يختلف كثيراً* بالنسبة لشقيقه علاء*. فهو لم* يكن بعيدا عن النشاط العنكبوتي،* فكشفت الأوراق الموجودة بحوزتنا أن ظهور علاء كان مقروناً* بأنه مدير بالشركة إلي* جانب آخرين سعيد شماسي* سوري،* ووليد كابا وسقراطوس سولوميدس* »قبرصي*«. وعزت جارا وبكري* السعدي* كويتي*. وكان ذلك منذ عام* 1996* وكانت تتم عمليات بيع وهمية بأسماء صورية حتي* لا* يتم معرفة الأصحاب الحقيقيين لأصحاب الأسهم وهو نوع من عمليات* »غسيل الأموال*«.
ففي* الاجتماع السنوي* الذي* عقد في* لوكسمبرج بتاريخ* 1997*/8*/3،* الساعة الرابعة مساء،* كما هو مدون في* المحضر*. »أشار إلي* أن الهدف الاستثماري* للشركة هو تحقيق الاستثمارات في* الأجل المتوسط والطويل*. نحو رأس المال من خلال توجيه الاستثمارات في* أسهم الشركات المدرجة في* البورصة المصرية*. ويهدف ذلك للاستفادة من التقييمات المنخفضة للاستفادة منها علي* المدي* القصير بتحقيق أرباح عالية متاحة حالياً* في* السوق المصري*«.
إن هذا الأسلوب،* لا* يمكن له أن* يتحقق إلا بمعرفة تامة بأسرار السوق،* أتيحت لنجلي* الرئيس السابق،* لتحقيق أكبر قدر من الأرباح علي* حساب نشاط البورصة*. واستفاد من ذلك إبراهيم كامل وآخرون،* متورطون في* الشبكة العنكبوتية التي* خرجت في* صورة شركات،* من رحم إجراءات قانونية متقنة وقادرة علي* الإفلات*.
لم تتوقف مساهمات جمال وعلاء مبارك عند الأسلوب الغامض في* شراء الشركات والأسهم،* وإعادة استثمارها،* بشراء المصانع والعقارات،* فهناك مساهمات للشقيقين علاء وجمال في* »هيرمس*« المتخصصة في* الاستثمارات المالية،* والمتشعب نشاطها في* أوروبا خاصة قبرص*. وكذلك* »هيرمس*« المصرية التي* تدخل استثماراتها في* أنشطة متعددة بداية من توريد الأغذية والخدمات الجوية،* وليس نهاية بالدخول في* صفقات البترول*.
وللوصول إلي* جوانب أخري* من الحقيقة التي* ظلت* غامضة طيلة بقاء مبارك في* الحكم،* وتنامي نفوذ نجله الذي كان مثيراً* للجدل،* فهناك ضرورة تبدو مهمة للغاية،* للبحث في* تفاصيل قصة النشأة الاقتصادية لنجل الرئيس،* والمقصود بها بداياته في* البيزنس*.
جمال الذي كان* يتم إعداده لتولي عرش الحكم في* مصر،* كان قد أنهي علاقته بالعمل في* بنك* »أوف أمريكا*« منذ عام* 1990،* ومنذ ذلك التاريخ دخل جمال سوق المال،* وكان كنزاً* ثميناً* للعديد من أصدقائه في* أوروبا،* وداخل مصر،* فالجميع كان* يتطلع لتوثيق العلاقة معه،* فهي* وحدها كافية لأن تفتح الخزائن داخل البنوك دون ضمانات وتحقيق أكبر قدر من المنافع*.
أسس جمال شركة* »ميد إنفنست*« عام* 1996* مع اثنين من أصدقائه،* وكانت هي البداية في* الانطلاق داخل أسواق المال والأعمال،* كما أن الشركة كانت النواة الأولي التي* زرعها نجل الرئيس في* حقل الأعمال الذي لا حدود له فمن منشأته الأولي* دخل مع صديقه* »وليد كابا*« مساهماً* في الشركة اللغز* »بوليون*«،* التي* توسع نشاطها علي* خلفية دخول جمال مبارك صاحب العلاقات والاتصالات الدولية،* من خلال سفرياته المتعددة إلي* بعض الدول الكبري،* والتي كان* يحصل فيها علي موافقات بصفقات ضمنت له تعظيم ثرواته وأسهمه في* »بونيون*«،* كما أن الشركة ذاتها اتسع نشاطها بشراكة بقية أسرة مبارك الحاكمة في* مصر،* التي* ارتبطت بدورها في* شراكات أخري* مع عدد من الأسر الحاكمة في* دول الخليج،* خاصة السعودية وقطر*.
فدخلت* »بونيون*« كمساهم رئيسي في* شركة* »ماك*« القطرية،* العاملة في* نشاط الاستثمار العقاري والمقاولات في عدد من الدول الخليجية والقاهرة ومدريد ولندن،* وساهمت* »بونيون*« أيضاً* - التي* يشارك فيها جمال وعلاء مبارك* - في* شركات مصرية بأكواد سرية* غير معلوم أصحابها مثل شركات منصور والمغربي وبالم هيلز بالإضافة إلي* الكثير من المساهمات الأخري*.
إن طريقة خروج تلك الأموال واستثمارها في* شركات متداخلة،* يفتح الباب علي* مصراعيه بأن ما كان* يجري في* مصر ليس شأناً* سياسياً،* يحاول جمال صناعته ولكنه استثمار للوجود في* دائرة صنع القرار لتحقيق الكثير من المآرب وتوسيع الأنشطة المتعددة،* وإبعاد دخول عائداتها من الأموال إلي* مصر*.
لكن من أين لجمال وعلاء وبقية أسرة الرئيس السابق تلك المليارات المرعبة في* أرقامها؟
قطعاً* ستظل الإجابة تائهة إلي* أن تتحرك الجهات الحكومية والقضائية للتحقيق والمبادرة بالمطالبة بإعادة هذه الأموال*.
إن الوصول إلي* تفاصيل الخريطة المتشابكة،* وتحديد ملامحها بدقة،* يحتاج لتدخل أجهزة مختصة بالتحري أو تكليف شركات تمارس هذا النشاط في* البلدان الأوروبية،* فما تحتويه الملفات من وقائع،* دفعنا للبحث عن المزيد وإجراء اتصالات بالعديد من المصادر وثيقة الإطلاع علي* ما* يجري* من أساليب في* أسواق المال الغربية،* خاصة دولتي اليونان وقبرص،* وأفادت تلك المصادر بأن العمليات القذرة لتهريب الأموال،* يحيط بها العديد من الأساليب المبتكرة،* التي* تتورط فيها شخصيات أخري* غير علاء وجمال مبارك،* هذه الشخصيات لها باع طويل في* العلاقات مع العصابات الدولية المنظمة* »المافيا*«،* سواء عن طريق عقد صفقات تجارة السلاح والحصول علي* العمولات الضخمة،* وليس بالضرورة أن تكون تلك التجارة لصالح مصر،* فربما تكون لصالح منظمات وجماعات انفصالية،* فحصيلة أرقام هذا النوع من النشاط القذر بلغ* أرقاماً* ضخمة،* واللجوء أحياناً* لتلك العصابات بغرض تهريب الأموال والعملات الصعبة،* يتم في* الغالب بالحصول علي* نسبة* 40٪* من حجم المبالغ،* أم أن هناك شخصيات أخري* تلعب دوراً* كنوع من المجاملات عن طريق العلاقات بحكومات معظمها عربية،* يتيح فرصة دخول الأموال وإعادة تصديرها وتحويلها عن طريق البنوك وربما تكون حالة خروج هذه الأموال الخاصة بعدد من رجال البيزنس في* مصر تنطبق عليها الحالة الأخيرة*.
لكن في* النهاية ليس أمامنا سوي القول*.. بأن مصر كانت محكومة من عصابة احترفت النهب واتبعت أساليب العصابات الدولية،* في* تهريب ما جري* نهبه بصورة تبدو* غامضة،* لكن كل المؤشرات تذهب إلي* أنها عمولات عن تخليص مصالح،* أو إتاوات مفروضة علي* رجال البيزنس في* الأنشطة الثقيلة وهي* جميعها أموال قذرة*.
كل ما يشغل بال المصريين حاليا هو البحث عن اجابات شافية لسؤال واحد :هل ستعود الاوال المنهوبة من قبل اسرة الرئيس المخلوع وفلول نظامه البائد الى الشعب مرة اخرى؟
فالجميع علي* مختلف اتجاهاتهم وأعمارهم من العامة أوالنخبة المهمومة بالشأن العام* يتابعون ما* يجري* من تحقيقات ويترقبون إطلالة المسئولين بالتصريحات التي* تخرج* يوميا لمعرفة المزيد عن حجم الثروات التي* ذهبت الي* جيوب أهل الحظوة،* ممن اختزلوا حجم الوطن بثرواته ومؤسساته في* شكل اقطاعية،* أو مجموعة من العزب الخاصة* يمرحون فيها كيفما شاءوا ومتي* أرادوا دون مراقبة وإن وجدت الرقابة فدون مساءلة*.
ومن بين الذين حولوا الوطن وثرواته الي* اقطاعية للمجاملات أسرة مبارك نجلاه جمال وعلاء وزوجته وأصهاره فأتاح لهم جميعا قربهم من دائرة صناعة القرار،* التأثير في* مجريات الأحداث السياسية،* وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية والحصول علي* الثروات والأموال بطرق تظل تفاصيلها* غير معلومة لغياب الشفافية،* ويسر لهم ما* يملكونه من نفوذ إخراج هذه الثروات بطرق وأساليب تفوق قدرة منظمات* »المافيا*« للنجاة من رقابة السلطات المعنية بالمراقبة وتتبع مصادر الثروات*.
نفوذ الأسرة الحاكمة لم* يعد خافيا علي* أحد،* والسلطة التي* كانت لدي* جمال من الناحية السياسية بلغت الي* حد الأمر والنهي،* كما أن نفوذه وشقيقه علي* حد سواء في* أسواق المال وعالم الاقتصاد* يثير الريبة ويفتح الشهية للبحث في* خبايا وأسرار علاقاتهما المتشابكة في* مجال البيزنس داخليا وخارجيا،* خاصة جمال الذي* كان* يحدد ملامح الخريطة الاقتصادية،* من خلال نفوذه اللا محدود علي* مجريات صناعة القرار،* بتعيين الوزراء وتكليفهم بمهام وسياسات فتح مجملها الباب علي* مصراعيه للعمولات وانتشار الرشاوي* وتحقيق الثروات المبالغ* فيها*.. سلطات جمال أتاحت له معرفة الأسرار وتوقعات المكسب والخسارة في* الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات في* البورصة*.
هذه الاموال المنهوبة دفعت"الوفد"الى فتح الملف ، وقالت فى تقرير لها:
تحت أيدينا ملفات ضخمة عن استثمارات تتجاوز مئات المليارات من الدولارات فهذه الملفات تحتوي* علي* خريطة توزيعها علي* عدد من الدول وكيفية خروجها من مصر جهارا نهارا*.. وتكشف أيضا عن النوايا المبيتة سلفا لتحقيق الثروات التي* تفوق ميزانيات عدة دول من بينها مصر المنهوبة طبعا*.
أوراق تلك الملفات تتضمن استثمارات كل من علاء وجمال نجلي* الرئيس السابق وتفوح منها رائحة كريهة تشي* بأن تدمير الاقتصاد وتهريب الثروات حزمة متقنة لها أساليبها وخرائطها المثيرة للدهشة*. فلو لم* يكن هناك عزم وتدبير احترافي* لاستغلال النفوذ ما كان لنجلي* الرئيس ومعهما شخصيات بارزة ولامعة في* مجال البيزنس إخراج الثروات والأموال لاستثمارها في* الخارج وذلك في* الوقت الذي* تقدم فيه الدولة كافة التسهيلات لتشجيع الاستثمار الداخلي* وجذب الخارجي* وهو ما* يذهب بنا للإشارة بأن تلك الأموال التي* وردت في* صورة أسهم وشركات تبدو* غير معلومة المصدر،* دخلت جميعها كاستثمارات في* عدة دول* »اليونان ـ قبرص ـ بريطانيا ـ بنما ـ الولايات المتحدة الأمريكية*«.
أما الأسلوب الذي* جري* اتباعه في* تأسيس تلك الشركات* يفوق القدرة علي* الملاحقة،* فكل شركة تلد منها عدة شركات والشركات الأخري* تتداخل مع* غيرها بصورة معقدة تبدو عصية علي* الفهم لكن التقليب في* الأوراق* يكشف عن الأسلوب الذي* جري* اتباعه في* تأسيس هذه الشركات وطريقة خروج الأموال والثروات*.
التفاصيل المحيطة بالأوراق* غاية في* الإثارة فهي* تشير الي* أن الأموال كانت تخرج من مصر بعدة طرق جزء منها* يخرج كتحويلات من المصرف المتحد،* الي* سلطنة عمان والجزء الأكبر في* حقائب علي* الطائرات الخاصة،* واليخوت في* البحر الأحمر،* ومن* »عمان*« الي* اليونان وفي* اليونان* يتم تأسيس شركات قانونية معنية بأعمال الوكالة والمحاماة وكل محام في* اليونان حسب النظام فيها هو رجل أعمال داخل الشركة* يقوم بإجراءات أعمال البيزنس وعلي* أساس هذه الطريقة تشكلت دائرة شائكة ومعقدة من الشركات المتداخلة فيما بينها عن طريق شراء الأسهم*.
الشبكة الموجودة في* اليونان مكونة من مجموعات* »عرب ـ مصريين ـ أوروبيين*« وهي* عبارة عن عدد من الشركات القانونية التي* تقوم بشراء الأسهم والأوراق المالية والعقارات بالتداخل مع شركات أخري* في* قبرص*.
ولم* يكن اختيار قبرص عشوائيا فهي* لم توقع علي* أي* اتفاقيات لمنع* غسيل الأموال،* أو تسليم المحكوم عليهم،* أو رد الأموال*. وعلي* خلفية الإجراءات التي* سبقت تقوم الشركات الموجودة في* قبرص،* بتحويل الأموال الي* »بنما*« وتوجيه الأسهم الي* شركات أخري* تم تأسيسها في* »بنما*« ومنها الي* الولايات المتحدة الأمريكية ثم بريطانيا لشراء العقارات والمصانع وأسهم الشركات*.
المغزي* من هذه الإجراءات المعقدة ليس لها وصف سوي* احتراف السرقة وتهريب الأموال عبر شركات القانون التي* لا توجد عليها أي* علامات استفهام في* أوروبا وهي* تضم في* مساهماتها عدة بنوك للإمعان في* التضليل ويفوق نشاطها المتداخل أسلوب* »المافيا*«. نحن إذن أمام شبكة عنكبوتية حسب الملفات التي* بذلنا جهدا في* ترجمتها بدأت منذ أن كان جمال مبارك* يعمل في* بنك* »أوف أمريكا*« بلندن ومنحه هذا العمل خبرة واسعة في* كيفية استثمار الأموال،* وإبعادالشبهات عن أصحابها بإقامة سياج من السرية والتعتيم لكن هذا لم* يمنع من ظهور اسما علاء وجمال نجلي* الرئيس،* الي* جانب أسماء أخري* لامعة في* نشاط المال والأعمال مثل إبراهيم كامل ومحمد البردعي* ممثل بنك مصر*.
امتد نشاط البيزنس الواسع عن طريق تداخل الاستثمارات من عرب وأجانب في* تلك الشبكة فقد كشفت الأوراق عن شراكة مع رنا زين العابدين التي* تنتمي* الي* أسرة الرئيس التونسي* السابق،* وهذه السيدة لديها جنسية قبرصية*. وعلي* رأس هؤلاء الأردني* وليد كابا الذي* يحمل الجنسية البريطانية وهو اللغز المحير*.
البداية كانت تأسيس نواة الشبكة وهي* شركة* »بوليون*« للاستثمارات المالية وأدارها وليد كابا صديق جمال الذي* تعرف عليه في* لندن أثناء عمل الأخير في* بنك* »أوف أمريكا*« ثم تداخلت بوليون مع شركة أخري* خارج نطاق الرقابة* »أوف شور*« إحداها* يطلق عليها* »بان ورلد*« للاستثمارات وهكذا تتم عمليات التداخل والتشابك بغرض التضليل*.
إن تلال المعلومات والوثائق لم تتوقف عند كشف المزيد من الثروات المنهوبة التي* جري* استثمارها في* مجالات مختلفة في* أوروبا،* فقد دخلت مساهمات نجلي* الرئيس وإبراهيم كامل في* أنشطة فنية وموسيقية وأنشئت مجموعة من الشركات لهذا الغرض بتاريخ* 2005*/7*/5* مع مستثمرين من جنسيات مختلفة بولندية وأخري* برتغالية مثل* »أولڤيرا*« ويونانية مثل* »لوڤاج جورجيت*« وتتواصل التفاصيل الي* تأسيس شركة* »إيچيبت تراس*« وتعني* »مصر الثقة*« وهي* إحدي* شركات صناديق الاستثمار والمال ففي* أوراق إجراءات تأسيس الشركة لا* يوجد ما* يوحي* بأن جمال مبارك شريك أو* يملك أي* حصص فيها،* وهذه الشركة تأسست في* 2001*/10*/23* برقم* 67534*/526*/32* لوكسمبرج*. وأعضاء مجلس المديرين فيها إبراهيم كامل و»مايكل بيكيت*« ممثل نادي* لندن الدولي،* و»مايكل ثابت*« وحافظ الغندور،* ثم جمال مبارك،* الذي* ظهر اسمه لأول مرة*. ويضم مجلس الإدارة شاكر ألبرت خياط وأحمد منير البردعي* عن بنك مصر،* ومصر أمريكا الدولي*.
هذه الأسماء برمتها ظهرت علي* الأوراق في* 14* يناير* 2005* وهذه الشركة أنشئت في* جزر الكاريبي،* والأسهم المملوكة لها تخص شركة أخري* يملكها جمال مبارك اسمها* »حورس*« للاستثمارات في* الأوراق المالية،* ودخلت هذه الشركة في* مساهمات لدي* »هيرمس*« في* مصر*.
إذا كان هذا عن جمال مبارك،* فإن الأمر لا* يختلف كثيراً* بالنسبة لشقيقه علاء*. فهو لم* يكن بعيدا عن النشاط العنكبوتي،* فكشفت الأوراق الموجودة بحوزتنا أن ظهور علاء كان مقروناً* بأنه مدير بالشركة إلي* جانب آخرين سعيد شماسي* سوري،* ووليد كابا وسقراطوس سولوميدس* »قبرصي*«. وعزت جارا وبكري* السعدي* كويتي*. وكان ذلك منذ عام* 1996* وكانت تتم عمليات بيع وهمية بأسماء صورية حتي* لا* يتم معرفة الأصحاب الحقيقيين لأصحاب الأسهم وهو نوع من عمليات* »غسيل الأموال*«.
ففي* الاجتماع السنوي* الذي* عقد في* لوكسمبرج بتاريخ* 1997*/8*/3،* الساعة الرابعة مساء،* كما هو مدون في* المحضر*. »أشار إلي* أن الهدف الاستثماري* للشركة هو تحقيق الاستثمارات في* الأجل المتوسط والطويل*. نحو رأس المال من خلال توجيه الاستثمارات في* أسهم الشركات المدرجة في* البورصة المصرية*. ويهدف ذلك للاستفادة من التقييمات المنخفضة للاستفادة منها علي* المدي* القصير بتحقيق أرباح عالية متاحة حالياً* في* السوق المصري*«.
إن هذا الأسلوب،* لا* يمكن له أن* يتحقق إلا بمعرفة تامة بأسرار السوق،* أتيحت لنجلي* الرئيس السابق،* لتحقيق أكبر قدر من الأرباح علي* حساب نشاط البورصة*. واستفاد من ذلك إبراهيم كامل وآخرون،* متورطون في* الشبكة العنكبوتية التي* خرجت في* صورة شركات،* من رحم إجراءات قانونية متقنة وقادرة علي* الإفلات*.
لم تتوقف مساهمات جمال وعلاء مبارك عند الأسلوب الغامض في* شراء الشركات والأسهم،* وإعادة استثمارها،* بشراء المصانع والعقارات،* فهناك مساهمات للشقيقين علاء وجمال في* »هيرمس*« المتخصصة في* الاستثمارات المالية،* والمتشعب نشاطها في* أوروبا خاصة قبرص*. وكذلك* »هيرمس*« المصرية التي* تدخل استثماراتها في* أنشطة متعددة بداية من توريد الأغذية والخدمات الجوية،* وليس نهاية بالدخول في* صفقات البترول*.
وللوصول إلي* جوانب أخري* من الحقيقة التي* ظلت* غامضة طيلة بقاء مبارك في* الحكم،* وتنامي نفوذ نجله الذي كان مثيراً* للجدل،* فهناك ضرورة تبدو مهمة للغاية،* للبحث في* تفاصيل قصة النشأة الاقتصادية لنجل الرئيس،* والمقصود بها بداياته في* البيزنس*.
جمال الذي كان* يتم إعداده لتولي عرش الحكم في* مصر،* كان قد أنهي علاقته بالعمل في* بنك* »أوف أمريكا*« منذ عام* 1990،* ومنذ ذلك التاريخ دخل جمال سوق المال،* وكان كنزاً* ثميناً* للعديد من أصدقائه في* أوروبا،* وداخل مصر،* فالجميع كان* يتطلع لتوثيق العلاقة معه،* فهي* وحدها كافية لأن تفتح الخزائن داخل البنوك دون ضمانات وتحقيق أكبر قدر من المنافع*.
أسس جمال شركة* »ميد إنفنست*« عام* 1996* مع اثنين من أصدقائه،* وكانت هي البداية في* الانطلاق داخل أسواق المال والأعمال،* كما أن الشركة كانت النواة الأولي التي* زرعها نجل الرئيس في* حقل الأعمال الذي لا حدود له فمن منشأته الأولي* دخل مع صديقه* »وليد كابا*« مساهماً* في الشركة اللغز* »بوليون*«،* التي* توسع نشاطها علي* خلفية دخول جمال مبارك صاحب العلاقات والاتصالات الدولية،* من خلال سفرياته المتعددة إلي* بعض الدول الكبري،* والتي كان* يحصل فيها علي موافقات بصفقات ضمنت له تعظيم ثرواته وأسهمه في* »بونيون*«،* كما أن الشركة ذاتها اتسع نشاطها بشراكة بقية أسرة مبارك الحاكمة في* مصر،* التي* ارتبطت بدورها في* شراكات أخري* مع عدد من الأسر الحاكمة في* دول الخليج،* خاصة السعودية وقطر*.
فدخلت* »بونيون*« كمساهم رئيسي في* شركة* »ماك*« القطرية،* العاملة في* نشاط الاستثمار العقاري والمقاولات في عدد من الدول الخليجية والقاهرة ومدريد ولندن،* وساهمت* »بونيون*« أيضاً* - التي* يشارك فيها جمال وعلاء مبارك* - في* شركات مصرية بأكواد سرية* غير معلوم أصحابها مثل شركات منصور والمغربي وبالم هيلز بالإضافة إلي* الكثير من المساهمات الأخري*.
إن طريقة خروج تلك الأموال واستثمارها في* شركات متداخلة،* يفتح الباب علي* مصراعيه بأن ما كان* يجري في* مصر ليس شأناً* سياسياً،* يحاول جمال صناعته ولكنه استثمار للوجود في* دائرة صنع القرار لتحقيق الكثير من المآرب وتوسيع الأنشطة المتعددة،* وإبعاد دخول عائداتها من الأموال إلي* مصر*.
لكن من أين لجمال وعلاء وبقية أسرة الرئيس السابق تلك المليارات المرعبة في* أرقامها؟
قطعاً* ستظل الإجابة تائهة إلي* أن تتحرك الجهات الحكومية والقضائية للتحقيق والمبادرة بالمطالبة بإعادة هذه الأموال*.
إن الوصول إلي* تفاصيل الخريطة المتشابكة،* وتحديد ملامحها بدقة،* يحتاج لتدخل أجهزة مختصة بالتحري أو تكليف شركات تمارس هذا النشاط في* البلدان الأوروبية،* فما تحتويه الملفات من وقائع،* دفعنا للبحث عن المزيد وإجراء اتصالات بالعديد من المصادر وثيقة الإطلاع علي* ما* يجري* من أساليب في* أسواق المال الغربية،* خاصة دولتي اليونان وقبرص،* وأفادت تلك المصادر بأن العمليات القذرة لتهريب الأموال،* يحيط بها العديد من الأساليب المبتكرة،* التي* تتورط فيها شخصيات أخري* غير علاء وجمال مبارك،* هذه الشخصيات لها باع طويل في* العلاقات مع العصابات الدولية المنظمة* »المافيا*«،* سواء عن طريق عقد صفقات تجارة السلاح والحصول علي* العمولات الضخمة،* وليس بالضرورة أن تكون تلك التجارة لصالح مصر،* فربما تكون لصالح منظمات وجماعات انفصالية،* فحصيلة أرقام هذا النوع من النشاط القذر بلغ* أرقاماً* ضخمة،* واللجوء أحياناً* لتلك العصابات بغرض تهريب الأموال والعملات الصعبة،* يتم في* الغالب بالحصول علي* نسبة* 40٪* من حجم المبالغ،* أم أن هناك شخصيات أخري* تلعب دوراً* كنوع من المجاملات عن طريق العلاقات بحكومات معظمها عربية،* يتيح فرصة دخول الأموال وإعادة تصديرها وتحويلها عن طريق البنوك وربما تكون حالة خروج هذه الأموال الخاصة بعدد من رجال البيزنس في* مصر تنطبق عليها الحالة الأخيرة*.
لكن في* النهاية ليس أمامنا سوي القول*.. بأن مصر كانت محكومة من عصابة احترفت النهب واتبعت أساليب العصابات الدولية،* في* تهريب ما جري* نهبه بصورة تبدو* غامضة،* لكن كل المؤشرات تذهب إلي* أنها عمولات عن تخليص مصالح،* أو إتاوات مفروضة علي* رجال البيزنس في* الأنشطة الثقيلة وهي* جميعها أموال قذرة*.
تعليقات
إرسال تعليق