خطة اغتيال مبارك في شرم الشيخ



التصريحات الأخيرة التي خرج بها شيخ مشايخ السلفية محمد حسين يعقوب بعد الاستفتاء، ومن قبلها التحركات الإسلامية في الشارع السياسي وخروج عدد من رموز الجماعات الإسلامية التي كان العنف في مقدمة أدبياتها السياسية جميعها أمور وان كانت مثار تخوف عدد كبير من الخبراء السياسيين إلا أنها جاءت لتدق ناقوس الخطر وتحذر من عودة العنف للشارع ليس هذا فحسب بل تمادي البعض بتخيلاته وتحليلاته السياسية ليؤكد ان تاريخ الرئيس السابق محمد حسني مبارك مع تلك الجماعات وحالة الشد والجذب والجفاء والكره في بعض الأوقات من الممكن ان تجعل منه هدفا سهلا ومتاحا لأيدي أفراد من تلك الجماعات من الذين يسعون للثأر من النظام السابق وبعض رموزه السياسية وفي مقدمتهم الرئيس مبارك.
شرم الشيخ المحطة التي اختارها - حتي الآن - الرئيس مبارك لتكون المكان الذي يقضي فيه بقية أيام حياته ورغم حالة الاستنفار الأمني التي تشهدها تلك المنطقة ليس بعد أحداث ثورة 25 يناير فحسب بل ومن قبلها، إلا ان حالة شبه الغياب الأمني القوي والمؤثر التي تعاني منها غالبية مناطق الجمهورية جعلت من الرئيس السابق صيدا سهلا لتلك الجماعات لا يحتاج لمجهود كما كانت الأوضاع والتجهيزات الأمنية أثناء جلوسه علي المقعد الرئاسي الذي كان يؤمن له حماية كاملة لم تخترق خلال سنواته الثلاثين في الحكم إلا مرات قليلة وكان الفشل نتيجتها.
الحديث عن فساد الرئيس السابق والكم الهائل من الوقائع وقضايا الفساد التي كان " مبارك " طرفا رئيسا فيها أمر ثان - بجانب الغياب الأمني حوله - دفع البعض للتأكيد علي ان اغتيال الرئيس السابق أمر أصبح من المتوقع حدوثه خاصة بعدما شهدت الأيام الماضية من خروج أصوات تطالب بمحاكمة الرئيس علي تهم عديدة العقوبة في واحدة فقط منها تكون الإعدام، كما ان تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي جاء هو الأخر ليؤكد ضلوعه في موقعة الجمل واتهامه بقتل المتظاهرين في ميدان التحرير جميعها أمور من الممكن ان تدفع بمجموعة من التي تؤمن بأن إسالة الدماء هي طريق الخلاص للعمل علي اغتيال رئيس سابق حاز بالإجماع علي كراهية كافة طوائف شعبه.
الجماعات الإسلامية - التي تنتهج العنف - لا تعرف كثيرا عن الطبيعة السياسية التي كان يتبعها النظام السابق بقدر ما تدرك تماما الحالة البوليسية والقوة الأمنية التي كان يستخدمها ويتقن هذا الاستخدام جيدا مع الخصوم الذين كانوا هم في مقدمتهم، فتسعينات القرن الماضي وسيناريوهات العنف المتبادل بين الطرفيين لم تدع مساحة تراجع أو مسامحة في قلب كليهما وان كانت الظروف الحالية تمنح الجماعات الإسلامية وبعض رموزها الفرصة الذهبية لقتل الرجل الذي ذاقوا علي يد رجاله أبشع ألوان العذاب التي لا تقترب ولا تتشابه ولو قليلا مع ما كان يحدث في الحقبة الناصرية ومن بعدها الساداتيه.
حزب الله قوة ثانية لا يمكن انكار تفكيرها في التخلص من " الصديق الاستراتيجي " للكيان الصهيوني - حسب وصف قادة اسرائيل - أمر ثان وقوة أكثر غضبا وتنظيما من الممكن ان تفكر في التخلص من " الرئيس السابق " الذي خرجت خلال الأيام الأخيرة بعد رحيله من القصر الرئاسي عدة وثائق، رافقتها أقاويل تؤكد ضلوعه في الحرب ضد حزب الله وكرهه الواضح للأمين العام للحزب الذي كان في وقت من الأوقات نجما من نجوم السياسة والنضال السياسي في مصر والوطن العربي، غير ان توازنات السياسية التي دفعت الأمن المصري للإعلان عن القبض علي خلية تابعة لحزب الله في مصر خطتها كانت الانتقام من مصر بسبب موقفها من حزب الله وما ارتكب من جرائم بحق اللبنانيين وتوجيه سلاحه إليهم وجاءت الفرصة الذهبية لهم مع نشوب الحرب علي غزة ـ ويبدو ان هناك ترتيبا سابقا بين الحزب وحماس ـ فخرج نصرالله بعد ثلاثة أيام من هذه الحرب ليحمل مصر المسئولية ويشن هجوما , فهم منه أن هناك أشياء وراء هذا الهجوم , وكان الهدف منه التغطية علي ما كان سيقع في البلاد من خلال خليته التي توافدت علي البلاد من عدة محاور وأنفاق عقب ربطهم بمسئول الخلية سامي شهاب , الذي كان لديه التكليف من قيادة حزب الله لتنفيذ المخطط المستهدف.
حيث كان يجري اتصالات مع القيادي محمد قبلان والاتصال علي الشفرة المؤمنة والخاصة بالحزب ويتلقي التعليمات حتي بعد خطبة نصرالله في يوم عاشوراء وكان في تلك الفترة في قبضة جهاز الأمن لكن شهاب ظل يتراسل مع حزبه وهم لايدرون أنه تحت أيدي السلطات المصرية , وهذا ما أعطي طمأنينة لهم في لبنان , والغريب أن حسن نصرالله تحدث عن سامي شهاب باسمه الحركي وكان يجب عليه أن يتحدث عن اسمه الحقيقي خاصة في ظل أن السلطات المصرية كانت قد وضعت يدها علي كل التفاصيل وأفرجت عن أحد الأشخاص الذي ثبت عدم وجود دور له في هذه القضية والذي تلقفته قناة الجزيرة وحاولت أن تصنع منه قصة وهمية.
وأجهزة الأمن أكدت أنها ألقت القبض علي جميع أعضاء الخلية وقدمتهم الي النيابة وحددت تاريخ ضبط كل منهم، في هذه الأثناء، بدأت نيابة أمن الدولة العليا، أمس، التحقيق مع سامي شهاب وسط إجراءات أمنية مشددة، وعرضت النيابة علي المتهم إخطار سفارة لبنان بحضور أحد ممثليها التحقيقات، لكن دفاعه رفض.
وعرضت النيابة علي شهاب لائحة الاتهامات المنسوبة إليه، وأبرزها تكوين خلايا عنقودية داخل التنظيم، والتخطيط لأعمال تخريبية، واستهداف المصالح الأجنبية في مصر، وتهريب السلاح إلي غزة.
واعترف شهاب بانتمائه إلي حزب الله، وقال: "هذا شرف أدعيه"، لكنه نفي استهدافه المصالح الأجنبية، وأنكر سعيه لتكوين خلية لحزب الله في مصر.
والمتابع لتاريخ الرئيس مبارك يلحظ ان الحديث عن اغتياله من الخارج أيضا أمر لا يمكن استبعاده خاصة بعد تعرضه لعدة عمليات اغتيال منها أحداث ووقائع معلنة وهي واقعة أديس أبابا في إثيوبيا أما الأحداث غير المعلنة والتي لم يعرفها سوي الحراسة الخاصة بمبارك وأفراد أسرته فقط، أولها واقعة تنزانيا والتي كان مفترضا أن يحضر الرئيس مؤتمراً هناك ووصلت تنزانيا مجموعة من الحراسة الخاصة أبرزهم اللواء مصطفي صادق مدير أمن الرئاسة آنذاك وبدأوا في جمع معلومات عن البلد ونشاط الجماعات المعادية فيها واستعانوا في ذلك بالمخابرات التنزانية والمخابرات الأمريكية، وبالفعل وردت إليهم معلومة في غاية الخطورة مفادها أن طائرة مبارك مستهدفة وسيتم ضربها بواسطة " strella فور هبوطها في المطار، ولكن تم استخدام حيلة ذكية وهي الهبوط في اتجاه معاكس للاتجاه الأصلي ثم الإقلاع مباشرة، ومن ثم تجنب التعرض لعملية تفجير طائرة الرئيس.
أما الواقعة الثانية كانت في مدينة نيروبي عاصمة كينيا، حيث كان مبارك مشاركاً في مؤتمر القمة الإفريقية، وكانت هناك محاولات للاعتداء علي مبارك أثناء دخوله المؤتمر عن طريق الحراسة الخاصة بالجانب الليبي، غير ان طقم الحراسة الخاص به استطاع السيطرة علي الموقف وتم القضاء عليهم فوراً.
وكانت هناك أيضا واقعة في إيطاليا حيث كانت هناك عناصر من منظمة الألوية الحمراء -أحد أشهر المنظمات العالمية لعمليات الاختطاف والاغتيالات- لاغتيال مبارك، غير أن الحراسة سيطرت علي الموقف وحمت مبارك، وقد اتضح بعد ذلك ان عمليتي تنزانيا ونيروبي كانتا وراءهما العقيد معمر القذافي، أما عملية الألوية الحمراء فلم يعرف من وراءها.وضلوع القذافي في محاولات الاغتيال تلك أرجعه البعض لخلاف قديم يعود لأيام السادات علي البترول في الصحراء الغربية والمياه الجوفية فضلاً عن أن القذافي يريد أن يكون هو الزعيم للمنطقة العربية ولم يكن هناك أي عائق أمامه سوي مبارك.
علي الجانب الأخر قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن هناك شيئًا غامضًا يسيطر علي مدينة شرم الشيخ التي طالما كانت منتجعًا سياحيا يستهوي السياح من جميع أنحاء العالم.
وأضافت أن المدينة التي تحولت إلي حصن منيع للرئيس المخلوع أصبحت تعيش تحت حصار الشرطة المرعب خاصة الطريق المؤدي إلي منتجع " مارتيم جولي فيل جولف " الذي يبعد بضعة أميال من مطار المدينة.
وتابعت الصحيفة الأمريكية بالقول إن سائقي التاكسي في هذه المنطقة يقولون إن مبارك موجود بالفعل في فيلا مجاورة وإلا لن تتواجد كل هذه الأعداد الهائلة من أفراد الشرطة الذين يعرقلون المرور ويوقفون نزلاء الفندق لفحص جوازات سفرهم وعملهم وتفتيش سياراتهم خوفًا من وجود قنابل.
وذكرت الصحيفة إن العاملين بالفنادق كانوا يصابون بالتوتر كلما يتم سؤالهم عن ما إذا كان مبارك هناك أم لا.
وأجاب شاب إنه كان هناك بالفعل، ولكن عندما سئل عن ما إذا كان رأي الرئيس، أجاب لا، بالطبع لا. وقال بسعادة: "ليس لدينا رئيس."
وتعتبر شرم الشيخ هي المدينة المصرية الوحيدة التي تجنبت المظاهرات الاحتجاجية التي استمرت مدة 18 يوما. كما إنها لم تشهد أي مظاهرات احتجاجية ضد بقاء مبارك فيها في سنواته الأخيرة. وإلي الآن، تبدو مصر مستعدة لإخفائه داخل فيلته.
وفي السياق أكد خبراء السياحة أن وجود الرئيس السابق حسني مبارك في مدينة شرم الشيخ أدي إلي إصابة المدينة بشلل وخسائر فادحة بلغت 2.5 مليار دولار، وتبدد حلم وزارة السياحة بوصول ما يزيد علي 15 مليون سائح لمصر نهاية 2011، وأشار الخبير السياحي إلهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية سابقا إلي تكبد القطاع السياحي خسائر فادحة جراء أزمة الاحتجاجات والاضطرابات التي تشهدها مصر خلال الفترة الأخيرة، بلغت نحو 2.5 مليار دولار منذ 25 يناير، مؤكداً أن حجم الخسائر اليومية للقطاع بلغ نحو 45 مليون دولار.
وقال الزيات إن حسني مبارك لم يعد بؤرة اهتمام، وأن المخاوف من وجوده، تتزامن مع غياب عنصري الأمن والأمان بالمدينة، متوقعا عودة الحركة السياحية إلي معدلاتها الطبيعية في أكتوبر القادم في حالة مغادرة الرئيس للمدينة، وعودة استقرار الأوضاع الأمنية.






تعليقات