كل سنة وانتوا طيبين

نهنئكم بعيد القيامة المجيد والذى تسميه الكنيسة بعيد الأعياد
أو عيد الفصح ، باعتباره العيد الذى تحقق فيه ما انتظرته
البشرية أجيال طويلة ، أعنى الخلاص من العبودية واللعنة
والجحيم ، وأيضا إشارة إلى الفصح الجديد " إذ أن المسيح
فصحنا ذبح لأجلنا " (1 كو 5: 7).

قيامة المسيح أوضحت لكل العالم أن كلمة مستحيل لا توجد
على الإطلاق فى قاموس الحياة المسيحية ، إذ تجلت قوة
الرب يسوع فى إقامة ذاته من الموت منتصر عليه كاسرا
شوكته واهبا الحياة لكل من يؤمن به ، وهذه إشارة كافية
للقول بأن المسيحية لا تعرف المستحيل ، وهكذا يُعرف إلهنا
بأنه إله المستحيلات إذ هو القادر وحده على جعل كل شيء
ممكن و مستطاع ..

لقد أخطأ الشعب قديما حينما ظن أن الرب سوف لا يقدر
على الانتقام لهم والرد على شر أعدائهم ، ولكن كان الله
يظهر لهم دائما تدبير قوته إذ " بحسبما أذلوهم هكذا نموا و
امتدوا فاختشوا من بني إسرائيل (خر 1 : 12) ، وكل نمو
وامتداد من قبل تدبير الرب هو قيامة وانتصار .. وحينما أتى
زمن الخلاص و العبور نجاهم الرب من فرعون مصر وكل
جنوده الذين سجنهم جميعا فى بحر سوف ...

بل بعد إظهار الله لمجد صنيعه معهم وعبورهم البحر لم
يفتر هذا الشعب عن الشك فى قدرة الله ، إذ عادوا أيضا
ليخطئوا إليه فى البرية ويشكون فى قوته و الاعتناء بهم و
تلبية احتياجاتهم، ومن ثم إنقاذهم وخلاصهم " فوقعوا في الله.
قالوا: هل يقدر الله أن يرتب مائدة في البرية " ( مز 78 : 19 ) ،
وكانوا جميعا فى حاجة ماسة لأن يؤمنوا بوعود الله و قوته
وأن يحملوا فى داخلهم من روح المكتوب " و إلى
الشيخوخة أنا هو و إلى الشيبة أنا احمل قد فعلت و أنا ارفع
و أنا احمل و انجي .. " (اش 46 : 4 ) ..

وما أحوجنا جميعا لأن نؤمن بقدرة المسيح القائم من الموت
ورغبته الحاضرة دائما فى جعلنا فرحين كل حين وممتلئين
على الدوام من روح السلام و الفرح و القوة ، وللرب القدرة
أن يفعل كل هذا وذاك ...



يا أحبائي إن الله لا يمكن أن يتجاهل قدرته فى تدبير الأمور
ونشر ملكوته لأن كل قيامة لها موعد وكل أمر لابد أن يسبقه
ترتيب وتدبير وتهيئه ، حتى يظهر فى هذا العمل مجد قدرة
الله ويكون سببا فى فرح القلوب والتسبيح الدائم للرب وتبعية
الحق إلى المنتهي .. هكذا علمتنا قيامة المسيح وهكذا نؤمن
.. فلا نخاف بعد لان إلهنا قدير ، كما أن لا خوف فى
المسيحية لأن القيامة طرحت الخوف إلى خارج ..

ونحن إذ نفرح بقيامة المسيح إنما نعلن فى الوقت ذاته إيماننا
بأن قيامة المسيح حقيقة لا يدنوها أدنى شك ، بل وعمل
إلهي سيبقى ينبوع حي تنهل منه الكنيسة على مر العصور
وإلى أبد الدهور ولنا كل رجاء فى أننا سوف نرتفع بروح
هذه القيامة المباركة يوم بعد يوم من مجد إلى مجد لكى
نختبر عظمة قوتها و مجد عملها المغير للفكر والإرادة
والسلوك.. هكذا أعطت لنا قيامة المسيح أن نصير فى عظيم
الرجاء كل حين ، وأعطى لنا هذا الرجاء بدوره أن نصير فى
فرح و سلام ويقين من كل ما هو عتيد أن يصير لحياتنا على
الأرض ولأرواحنا بعد انتقالنا من هذا العالم ، إذ وعد الرب
لا يتغير ومحبته لا تنتهي ، كما أن عمله فى القديم مع شعبه
من تحرير وعناية وخلاص عمل لا يمكن أن يتوقف سريانه
فى حياة أبناء الملكوت المدعوين إلى الوليمة السماوية بل
سيبقى أيضا ينبوع حي تنهل منه الكنيسة كل حين ، بل
وسيزيد يوما بعد يوم إكراما لموت المسيح ومجدا لقيامته
المباركة إلى الأبد أمين

تعليقات