تهديدات مبارك بأن أحدا "ليس فوق القانون" أحرجت القيادة الكنسية

مفكرون أقباط : الدولة هي الممثل الشرعي للجميع مسلمين وأقباطا
علمت المصريون من مصادر كنسية رفيعة أن اتصالا جرى أمس بين البابا شنودة وبين مسؤول سيادي رفيع أكد فيه تقديره لتصريحات الرئيس مبارك في خطابه بمناسبة الذكرة 37 لحرب أكتوبر المجيدة ، وهي التي أشار فيها مبارك إلى "أن أحدا ليس فوق القانون أو الدستور" وهي إشارة حملت على أن العدالة قد تطول شخصيات دينية رفيعة من أي اتجاه يثبت تورطها في تحريك الفتنة ، وذلك بعد الجدل الواسع الذي سببته تصريحات الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس وأفرزت حالة من الاحتقان الديني الشديد . 


وكثف البابا شنودة عقب الاتصال اتصالاته بالقيادات الكنسية المختلفة مشددا على منع أي محاولة للتظاهر في الكاتدرائية أو الكنائس الأخرى التابعة لها ، كما جرت اتصالات رسمية أخرى دعت القيادة الدينية في الأزهر والكنيسة للتحرك العاجل لاستيعاب الأزمة . 
يأتي هذا في إطار تعليمات من القيادة السياسية لأجهزة الدولة بضرورة العمل على إنهاء حالة الاحتقان الطائفي التي تموج بها البلاد منذ أسابيع في أعقاب احتجاز كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس داخل الكنيسة، بعد توجهها إلى الأزهر لتوثيق إسلامها، وتصريحات الأنبا بيشوي التي اعتبر فيها الأقباط "أصل البلد" وأن المسلمين "ضيوف عليهم"، والتي أعقبها بتصريحات مشككة في عصمة القرآن الكريم. 
وكان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا شنودة أصدرا أمس بيانا مشتركا هنئا فيه الرئيس مبارك والشعب المصري بذكرى انتصارات حرب أكتوبر، وناشدا المصريين جميعا أن يلتزموا بوحدتهم الوطنية الجامعة شعبا واحدا في وطن واحد. 
أكد شيخ الأزهر والبابا إدانتهما لكل من يحاول إثارة الفتنة سواء بالإساءة للمقدسات أو بالانتقاص من حقوق المواطنة التي يستوي فيها المصريون جميعا بغير تفرقة أو تمييز. وأعربا عن ثقتهما في صوت العقل والضمير المصري وشواهد التاريخ المشترك، وأنهما سيظلان قادرين على وأد محاولات الفتنة وإخماد شرورها في ظل القيادة الحكيمة للرئيس مبارك. 
إلى ذلك، طالب مفكرون أقباط بمحاكمة كل المتورطين في تكدير السلم الاجتماعي واستعداء الأغلبية المسلمة وتأليب الأقباط علي وطنهم الأم مؤكدين ضرورة تحجيم التدخل المتزايد للكنسية في الشأن العام ، في إشارة إلى تنامي نفوذ الكنيسة وتجاوزها الدور الروحي المنوط بها إلى القيام بدور سياسي فيما يتعلق بقضايا الأقباط في مصر، فيما يرى المنتقدون أنه يحول الكنيسة إلى "دولة داخل الدولة". 
واعتبر المفكر السياسي رفيق حبيب أن عدم تطبيق قانون حظر التظاهر في دور العبادة بالكنائس هو الذي يشجع الأقباط علي التظاهر من أجل طاعة الأسقف ظنًا منهم أن ذلك من الإيمان، متناسين أن الكنيسة مؤسسة شأنها شأن أي مؤسسة أخري ويجب أن يسري عليها قوانين الدولة، لأنها يجب ألا تكون "دولة داخل الدولة" ويقتصر ولاء الأقباط للبابا والكنيسة علي الجانب الروحي فقط لأننا نفتقد دولة المؤسسات في مصر. 
وطالب حبيب الكنيسة بالعودة إلى ممارسة دورها الروحي المنوط بها ووقف تغولها سياسيًا، الأمر الذي يقول إنه بدأ مع قدوم البابا شنودة إلى الكرسي البابوي منذ 39 عامًا- في إشارة إلى تدخل الكنيسة في قضايا تتجاوز دورها الديني- بما أشعر الأقباط بأن البابا دومًا "لديه الحل"، متهمًا البابا بأنه يلوح بين الحين والآخر بورقة "الضغط الخارجي" من جانب أقباط المهجر لتحقيق مكاسب فئوية أكبر. 
بدوره، قال المفكر جمال أسعد عبد الملاك إنه يجب إسقاط ما دعاها بـ "دولة الكرازة المرقسية" التي يرأسها البابا شنودة ومقاطعة كل من ثبت دعوته لبث الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، مؤكدًا أن الأزمة ليست في تصريحات بيشوي التي أساءت للمسلمين سواء زعمه بأنهم ضيوف أو هجومه علي كتابهم المقدس، أو حتى مزاعم توماس بوصفه الفتح العربي بأنه احتلال إسلامي، مشيرًا إلى أن إساءات الكنيسة للإسلام والمسلمين تعكس وجود نسق متفق عليه من جانب القيادة الكنيسة التي تصدح ليل نهار بوطنيتها رغم أنها لم تحاكم أي أسقف على تصريحاته. 
وذكّر في هذا الإطارً بدعوة الأنبا أغابيوس أسقف دير مواس للأقباط بالتظاهر في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية احتجاجًا على اختفاء كاميليا شحاتة زوجة القس تداروس سمعان كاهن دير مواس، بعد أن زعم وقتها أن جماعات إسلامية اختطفتها وهو ما ثبت عكسه تمامًا بعد ذلك، منتقدًا البابا الذي قال إنه اختزل الكنيسة في شخصه ليتفاوض مع النظام باسم الأقباط رغم أنهم لم يفوضوه في ذلك. 
وأضاف: مواقف البابا نفسه تستحق الوقوف عندها ويكفي رفضه لحكم الإدارية العليا بمنح ترخيص بالزواج الثاني للأقباط، وقوله إنه لا توجد قوة علي وجه الأرض تستطيع إثناءه عن رفض تطبيق قانون الدولة التي يفترض أنه يدين لها بالولاء، فهو ليس رئيسًا لدولة "الكرازة المرقسية". 
وأشار الناشط القبطي بولس رمزي – صاحب الوقفة الرمزية التي دعت لمحاكمة الأنبا بيشوي – إلى أن الأقباط يعتقدون أن هناك رئيسين للدولة هما الرئيس مبارك، وشنودة الثالث وتلك هي الكارثة، على حد تعبيره. 
وقال إنه يتعين لإصلاح هذا الوضع ضرورة سيادة القانون علي الجميع، ورفض تمثيل البابا للأقباط سياسيا ، لأن الدولة هي الممثل الشرعي للجميع مسلمين وأقباط، علاوة على شجب الاستقواء المستمر بالخارج والخضوع لسلطات الدولة باعتباره معينًا من رئيس الجمهورية ويمكنه عزله في أي وقت.


كتب مصطفى شعبان وحسين أحمد (المصريون):   |  07-10-2010 01:44

تعليقات