القانون اجازة .. فوت علينا بكرة


 تفتق ذهن الفلاح الفصيح صاحب سوبر ماركت بكفر الهنادوة إلى وسيلة تضمن له عملاء السوبر ماركت كل صباح .. فوضع لافتة على باب محله تقول "النهاردة بفلوس ... وبكرة ببلاش" ، طقت فى نافوخ الواد أبو سويلم فقرأ اليافطة وأخذ عائلته وأصدقائه وهرول إلى السوبر ماركت فوجد اليافطة مكانها تقول "النهاردة بفلوس .. وبكرة ببلاش" وظل أبو سويلم على هذا الحال حوالى ثلاثون عاما ..

وأخيرا أيقن أبو سويلم إنه ضحية غبائه وأن فلاح كفر الهنادوة إستطاع أن يضحك عليه ويجعله مسخة فى قريته ، لذا فقد قرر أبو سويلم أن يلقى بنفسه فى الترعة ليعلن وفاته ويتخلص من حياته ومن هذه العادة السيئة التى لازمته طوال هذه المدة دون حل !!! ... هذا هو حال الوطن الذى نعيش فيه .. وطن "القانون فى أجازة النهاردة ، فوت علينا بكرة" . 


** فى مقالى السابق "أين نخوة ولاد البلد" أثار إعجابى كل كلمات التعليقات التى أرسلها أصدقاء الموقع مثل الأستاذ داوود ، الصديق الفاضل أبو النوج ، تعليق الأستاذ عماد توفيق والذى قال فيه "ما كل هذه المأسى ، مقال يجيب الهم والغم" ، تعليق بواسطة قلب داود "نعم ربنا موجود" ، تعليق الأخ مسيحى سورى "نعم أتفق معكم ، من ثمارهم تعرفونهم" ، تعليق الأخ أيمن مسلم ومقيم بالخارج "أعجبنى المقال جدا وقد أتفق معك فى تطبيق عقوبة الإعدام على كل من يفرضون سطوتهم بالقوة ويروعون الأمنين" .... ومقالنا الجديد هو كشف مزيد من الفساد الذى نتعايش فيه تحت القهر والظلم .


** فى القضية التى حملت رقم 7034 لسنة 2000 "من أرشيف المحاكم" ، والذى قضى فيه بإعدام المتهمين الأربعة فى حادث خطف وإغتصاب فتاة المرج دون أن يرحموا سنها الصغير "18 عاما" أو يستمعوا لصوت صرخاتها المحمومة ... البداية فتاة أشارت للأتوبيس وهى تقف أعلى كوبرى الدائرى خط المرج وعقب ركوبها فوجئ السائق بشخص يصعد سريعا إلى الأتوبيس حاملاً فى يده "موس" هدد به السائق والمحصل وشخص ثالث كان يجلس بالأتوبيس ثم أجبر الفتاة على النزول معه ، وقام بجذبها داخل سيارة نصف نقل ومعه ثلاثة حيث لاذوا الأربعة بالفرار بالذبيحة إلى الأرض الزراعية بجوار الرشاح وهى منطقة مقطوعة ، ودفعوا بالذبيحة على الأرض وقاموا بتجريدها من ملابسها عنوة ، وهى تصرخ وتقول حرام عليكم إرحمونى ولكنهم بدأوا فى إغتصابها ولأنها مازالت عذراء صرخت صرخة قوية جدا ، فأمسك أحدهم سكين وضعها أمام وجهها وهددها بالقتل لو صرخت مرة ثانية وبالفعل سكتت الفتاة تماما وكانت تبكى فى صمت وهم يتناوبون إغتصابها وبعد أن أنهوا مهمتهم القذرة أركبوها السيارة مرة أخرى وأنزلوها على الطريق بعد أن هددوها لو أبلغت عنهم سوف يقتلونها ويفضحوها ، ثم أعطوها "50 قرش" لركوب الأتوبيس.


** وبعد شهر من التحقيقات قضت المحكمة بإعدامهم الأربعة ورغم أن الحكم جاء سريعا ورادعا ، ومع كل جريمة إغتصاب جديدة يثور السؤال الفاجع ماذا حدث لمجتمعنا وقيمنا وكيف وصلنا إلى هذه الحال ونتساءل إذا كان إعدام المغتصبين لم يوقف هذه الجرائم البشعة لماذا لا تذاع عمليات إعدام المغتصبين تليفزيونيا على الهواء مباشرة لردع كل ذئب بشرى يفكر فى إغتصاب فتاة بريئة ... هذه الجريمة من أرشيف المحاكم عام 2000 .


** نموذج أخر لجريمة مشابهة بعد حوالى 10 سنوات ، هذا بخلاف مئات بل ألاف جرائم الإغتصاب التى تحدث يوميا ، ففى 15 أكتوبر 2010 محافظة بورسعيد وأثناء عودة الطالبة ر. م "14 سنة" طالبة بالصف الثالث الإعدادى بمدرسة نهضة مصر للبنات إلى منزلها من درس خصوصى أجبروها ثلاث ذئاب على ركوب سيارة معهم وإنطلقوا بها إلى منطقة السلام الجديد خلف مدرسة أحمد شوقى وإقتادوها إلى إحدى الشقق السكنية حيث وجد ذئبين أخرين وتناوبوا الذئاب الخمسة إغتصابها ثم إقتادوها إثنان منهم إلى عشة بمنطقة زرزارة وإستكملوا وليمة إغتصابها وهى لا تملك من إرادتها شيئا كالذبيحة المستسلمة وظلوا هكذا 48 ساعة تناوبوا إغتصابها حتى تمكنت الفتاة من الهرب بعد إقناعهم بأنها لن تخبر أحد ، ثم ذهبت الفتاة هى وأسرتها لتحرير محضر بالقسم حمل رقم 2799/2010 ، وعلى إثر ذلك تم تحديد شخصية الذئاب الخمسة والقبض عليهم .


** وأتساءل عن جدوى الكتابة فى زمن التوهان والزحمة فقد إختلطت فيه الأوراق والأصوات والأفعال وأصبح الوصول إلى شاطئ الحقيقة وبر الأمان مسألة مجهدة للغاية ليس عن قلة عزم وإرادة وإنما عن وطأة التوهان فى وسط الزحام .. زحام البشر وزحام المشاكل وزحام الأحداث المرهقة وتصادم الرغبات فى إقتناص أية فرصة لإثبات الذات حتى لو كان على حساب الأخرين .... لقد أدى تراخى الامن وغيبة القانون فى حسم بعض المشاكل حتى لو كانت صغيرة إلى ظهور مافيا المحاكم الذين فقدوا ضمائرهم وسادوا فى الأرض فسادا ، محترفى الدهاليز والتساليك ، القادرين على تحويل الظالم إلى مظلوم والعكس ..


** أما عن تجاوزات بعض ضباط الشرطة والذين يسيئون إلى هذا الجهاز العظيم فدعونا نقرأ تصريح السيد وزير الداخلية فى جريدة الأهرام فى 9 نوفمبر 1999 "صرح السيد وزير الداخلية حبيب العادلى التأكيد على إحترام حقوق الإنسان وحسن معاملة الجماهير وتحقيق الشرعية وسيادة القانون" ، ولكن يبدو أن تصريحات الوزير من 1999 شئ وما يحدث على أرض الواقع وحتى اليوم شئ أخر ، فالمواطن تهدر كرامته وتهان أدميته وتمتهن رجولته وتلصق به أبشع الإتهامات دون سند من الحقيقة أو الواقع ، وأصبح المواطنون الشرفاء يخشون الإقتراب من أسواء الأقسام التى أصبحت رائحة الفساد فيها تصيب الجميع بالقئ والغثيان ، فحتى المحضر الذى يتطلب المواطن أن يحرره داخل القسم للشكوى أصبح يخشى المواطن من التعامل مع الأقسام أو الإقتراب منها !!! . 


** هل تذكرون فيلم "الكرنك" للفنانة الراحلة سعاد حسنى والفنان القدير نور الشريف والراحل فريد شوقى والفنان محمد صبحى والقديرة شويكار ، يبدو أن الفيلم فى هذه الواقعة تحول إلى حقيقة ساخرة .
مواطن فى السادسة والأربعين من عمره ، يعمل بمهنة طبية محترمة يقول : "كنت عائدا إلى منزلى حوالى الساعة الثانية صباح الجمعة 26/5/2000 وإذ بى أفاجئ وأنا أسير بأحد أمناء الشرطة يجرى خلفى ويأخذنى بطريقة غير أدمية فثرت عليه وأنا غير مصدق ما يحدث لى دون سبب وقادنى إلى ضابط شرطة داخل سيارة بوكس ووصلت إليه ثائراً من جراء تصرف "البيه الأمين" وإذا بى أفاجئ بالضابط يوجه لى مزيدا من السباب والألفاظ البذيئة والجارحة التى تخدش الحياء ويعاقب عليها القانون ، وعبثا حاولت إفهامه أننى مواطن شريف ورجل أعمال بمهنة طبية محترمة ولا يجوز التعامل معى بهذه الطريقة فكان رد "الباشا الضابط" إركب وقول ذلك بعدين وسوف أعرفك إنت مين ، وترك رجاله يتولون إلقائى بالسيارة بالضرب والإهانة والإرهاب ، وظللت بقسم الأزبكية حتى مساء نفس اليوم حيث حضر ضابط ومعه مجموعة من المحاضر وطلب منى ومن مجموعة أخرى التوقيع على المحاضر التى لم نكن نعلم عنها شيئا حيث أخبرنا أنها مجرد تعهد بعدم التواجد فى التوقيت وكأنه ممنوع على المواطنين السير فى هذه الساعة ، ورفض أحد المواطنين التوقيع على شئ لا يعلمه وهنا كانت الطامة الكبرى فبعد وصلة من الشتيمة والبذاءات أمره الضابط بالجلوس فى مكان بمفرده ، لقد دب الرعب فى نفسى وعندما حاولت قراءة الورقة لم أجد سوى الضرب على القفا والإهانة والركل فإضطررت للتوقيع تحت التهديد والإرهاب النفسى ، فأنا تحت سيطرة وجبروت ظالم لا يرحم ويمكن تلفيق أى تهمة وحبس ولا أستطيع الفكاك منه ... فالقانون النهادرة أجازة وفوت علينا بكرة" .. ثم تم عرضنا على النيابة المسائية وأمر وكيل النيابة بالإفراج عن جميع الموجودين وكان عددهم يفوق الثلاثين متهم ، بعد ذلك عدنا للقسم وتم تصويرنا وأخذ بصماتنا وكأننا مجرمون هكذا دون أى جريمة ثم بعد ذلك ذهبنا إلى قسم عابدين وطلبوا من كل منا صورة وعملوا لنا ملف كامل لكل منا بالإدارة .. أما المفاجأة فكانت المحضر والتهمة المنسوبة إلى ّ وهى ممارسة الفجور والشذوذ الجنسى فى الطريق العام ، ولم أستطع أن أصرخ أكثر من ذلك ولكننى تساءلت إذا كانت هذه هى التهمة لماذا لا أحال للطب الشرعى للكشف وإثبات صحة الإتهام ... هذا ناهيك عن فئة المجرمين وأرباب السوابق والمسجلين الذين إعتادوا التواجد فى حجز الأقسام وفرض سطوتهم وبلطجتهم على جميع المحجوزين ، ويتم ذلك بمباركة ومعرفة جميع العاملين بالقسم بداية من المأمور حتى عسكرى الأمن المركزى ....
الخميس الموافق 7/10/1999 توجه الضابط (....) بمباحث قسم مصر الجديدة لتنفيذ حكم غيابى "جنحة شيك" ضد المواطنة (....) ، حيث طرق الباب لتفتح له والدتها وكانت تعد الطعام فدفعها وهو يسبها بألفاظ تخدش الحياء وسألها عن إبنتها فخرجت الإبنة بعدما سمعت صراخ والدتها ، وحدثت مشادة كلامية بين الإبنة وحضرة الضابط وسألته من يكون ، حيث إنه كان يرتدى ملابس مدنية ولم يفصح عن هويته فإستشاط هذا الضابط الفرعونى غضبا فكيف تجرؤ على سؤاله عن هويته ، فما كان منه إلا أنه جذبها بعنف من شعرها وأخرجها من الشقة شبه عارية ليسحبها بمعاونة مساعديه ويسحلها على "سلالم" المنزل من الدور الثالث حتى الشارع وهى تصرخ ، ثم أخذ يركلها بقدمه فى أماكن متفرقة وحساسة من جسدها وهو يكيل لها السباب أمام الجميع وأهالى الشارع ولم يتحرك أحد للدفاع عن السيدة خوفا من بطش "الباشا الضابط" وهو يتحرك ومعه مجموعة من الكومندوز ، ثم أمر مخبريه أن يقوموا بإلقائها فى البوكس لينكشف جسدها فى مشهد مأساوى ، وفى القسم يواصل الضابط فصول الإهانة والتنكيل لتخرج بعد يومين وقد أصبحت حطاما وتعود إلى الشارع وهى تطاولها إتهامات عديدة تسوء لسمعتها ، يحدث ذلك بإسم القانون رغم أن القانون لم يقل كلمته فى الحكم الغيابى الصادر ضد المواطنة بشأن الشيك ؟!! ، ولكن فى غيبة القانون يتاح كل شئ فالنهاردة أجازة !!! . ماذا جرى لبعض ضباط الشرطة الذين أساسا هم يعملون لمصلحة المجتمع وهذا بالضرورى  يعنى أنهم يحرصون على مصلحة الفرد ..
** فى القضية التى تحمل رقم 4653 لسنة 1997 ، إرتاب سائق تاكسى من تصرفات أحد المواطنين ورفض توصيله ولم يكن يعرف عمله حيث كان يرتدى ملابس مدنية وأصر الزبون على إصطحاب سائق التاكسى حتى القسم ، وهنا المصيبة الكبرى ونهاية العالم فلم يكن الزبون إلا "الباشا الضابط" وهنا أصيب الضابط بحالة هياج شديد وقام بضرب السائق ضرب مبرح كما قام بتمزيق وحرق رخصتى السيارة والقيادة الخاصة لولا تدخل بعض زملاء الضابط بالقسم للدفاع عن السائق لكان مزقه إربا .
سامح عبد الرحمن ويعمل محامى وفى يوم 8/1/2000 علم أن سيارة شرطة قبضت على شقيقه إثر مشاجرة فى منطقة تابعة لقسم مصر الجديدة ، ذهب المحامى ومعه شقيق خطيبته لمعرفة ما حدث وفى داخل القسم أبلغوه أنه لم تصل السيارة بعد وأثناء وقوف المحامى أمام القسم فى إنتظار وصول السيارة فوجئ بأحد الحراس يقول له " يالا ياله إنت وهو ، إمشوا من هنا بدل ماتسمعوا كلام مش كويس ، فقال له "إتكلم كويس إحنا مش حرامية أنا محامى" ، فقال "يالا يابرم" وشوح بيده ، وحدثت مشادة على إثرها حضر "الباشا الضابط" وإنضم إلى الحارس ووجه له ألفاظا لا تليق بضابط شرطة ، وعندما لم يعجبه أسلوبه وتطور الحوار بينهم أصر الضابط أن يضع المحامى داخل حجز القسم مع اللصوص والمسجلين خطر لمدة أربعين دقيقة ... لقد تحول شعار الشرطة إلى "المواطن أصبح متهما حتى تثبت براءته" .


** أخيرا هناك قضية شائكة وهى نتاج غياب القانون ومتعلقه بتوغل التطرف والإرهاب ، فمنذ ثلاثة أعوام أثارت مجلة روزاليوسف ظاهرة لتوغل التطرف داخل المستشفيات والدولة فى سبات من التوهان والنوم ، وكالعادة إنزعج الجميع وخرجت الأقلام تدين وتندد بهذه الظاهرة ، وأعلن الوزير "الجبلى" أنه سوف يصدر قرارات فورية بالإلتزام بزى موحد للممرضات ولن يسمح بالنقاب داخل المستشفيات ، بل وأثار أحد أعضاء مجلس الشعب الموضوع من خلال تقديم طلب إحاطة للسيد الوزير ، وتناول برنامج البيت بيتك الظاهرة بإستفاضة وإنفعلت الأجواء حول الظاهرة .


** وللأسف لم يمضى وقت طويل إلا وعادت حالة الصمت واللامبالاة وفتر الحماس ونشرت مجلة روزاليوسف فى العدد الصادر فى 22/10/2010 أن الظاهرة عادت ثانية بل زادت وتضاعفت وتحولت قرارات الوزير إلى هشيم تذريه الرياح والنتيجة كارثة ، بل تحول الموضوع إلى مسخة وهى تحدى الممرضات ضد مؤسسات الدولة والقانون حتى أن أحد الممرضات قالت سمعت بالقرار ولن ننفذه لأنه يعارض دين الله والإسلام .


** إنها صورة لما يحدث على أرض المحروسة فى ظل غيبة القانون ، بل أكثر من ذلك فالمستقبل مخيف ومرعب فى ظل الفوضى والعشوائيات ... وفى ظل غيبة القانون يزدهر الإرهاب والتطرف وينتعش إعلامه المضلل ... أحبائى فى الداخل والخارج أقباطا ومسلمين ، لقد إكتوينا جميعا بالشمس المحرقة ولنعلم جميعا أن البعض لم يهاجر ، بل أن هناك "كثيرون مازالوا يحصدون الغلة تحت نار الهلاك " .
كتبها مجدى نجيب وهبة-الاقباط الاحرار

تعليقات